الجمعة، 14 مارس 2014

ذئاب الرحمة لا ملائكتها


الأطباء أو كما يصفهم البعض "ملائكة الرحمة" لِما لمهنتهم من أثر عظيم يتجلى بالحفاظ على الصحة العامة وتخفيف الآم المرضى ومُحاولة إنقاذ أرواحهم بوصفاتهم الطبية وعملياتهم الجراحية, كُلنا نكُن لهم كامل التقدير والإحترام لِما يُقدمة البعض منهم من خدمات إنسانية جليلة ونبيلة, بعيداً عن طمع المادة أو إشباع رغبات ونزوات شهوانية حيوانية تتملك البعض السيئ منهم وتجعلهم أشبه بمجرمين وذئاب بشرية ترتدي قناع الرحمة والإبتسامات الزائفة التي تخفي أنياب نهش الذي يلتجئ إليهم لمدآواة الامة ومُعاناته.

مادياً أصبح الكثير من مُمتهني الطبابة يستغلون المرضى بإلزامهم التعامل مع مختبرات بِعينها لإجراء أكثر من فحص كي تزيد نسبة الطبيب المالية لدى المُختبر الذي تم إرسالهم إليه !

حتى صرف الأدوية لا يقبلها الطبيب إن كانت من صيدلية خارجية عن عيادته أو مُستشفاه او الصيدلية التي يتعامل معها ويصف للمريض عنوانها بدقه, حتى وإن كان العلاج الذي يأتي به المريض للدكتور نفس العلاج الذي اشار له عليه, والسبب أن الطيب مُتفق ومُتعاقد مع الصيدلية التي يُرسل إليها مرضاه لتوفير نسبة مالية جراء كُل دواء يتم شراءة من هذه الصيدليات, ونفس الطريقة تتم مع شركات وموردين الأدوية في سوقنا المحلية, كلما زادت المبيعات زادت نسبته المالية وهكذا يستشري جشع المادة في أسمى مهنة إنسانية !!

الكثير منا عانا من المرض والآمة وكذلك من هؤلاء الأطباء الذين جعلوا من مهنة الطب مصدراً مُدراً للربح والإسترزاق من مُعاناة مرضاهم دون وآزع إنساني أو اخلاقي, وجعلهم يدفعون الغالي والنفيس من أجل شراء العافية الوهمية.

أصبحت المنازل مُكتضه بأصناف وأنواع الأدوية المختلفة والمُكررة حتى وإن لم يكن لها دور أو مفعول لبعض الأمراض, وأصبحت الطِبابة مهنة تجارية لا إنسانية بسبب هذه الزُمرة من الأطباء الذين فقدوا أدنى ذرات الضمير والإنسانية في قلوبهم.
إن اعطيتهم تحليلاً لمرض تُعاني منه من مُختبر مجهول أو مختبر لا يُعطيه نسبة مالية عن كل تشخيص فإن الطبيب بكل بساطة يُشكك في صحة نتائج هذا الفحص ويرفضه مُتعللاً بعدم إرتياحة أو إطمئنانه لنتائج الفحص, وإن أعطيته العلاج من خارج الصيدلية المطلوبة فإنه يُلزمك بضرورة إرجاعة كونه لا يحمل لاصق بإسم الصيدلية التي يُريدها وبأن العلاج نوعية مُهربة أو مُقلدة !! كل هذا من أجل إلزامك بالذهاب للمختبر أو الصيدلية التي يجني منها أرباح نسبية فقط.
كذلك لو نأتي إلى الحالة المعنوية المُحبطة التي يتعرض لها الكثير من المرضى المغلوبين على أمرهم وخاصة النساء, مما يتعرضن له من تحرُشات ومُعاكسات جنسية بكافة الطرق والكلمات الخادشة للحياء والموحية للمريضة بشيئ في نفس الطبيب يُريده منها !!

إنتشرت حالات الإغتصاب للمريضات من قِبل ذئاب الرحمة في عياداتهم أو المستشفيات التي يعملون بها بشكل يجعل مُجتمعنا يتنبه ويحذر من هذه الظاهرة التي يتم التستر عليها بشكل يزيد من إنتشارها من قِبل القلة الحقيرة والمُسيئة بالتشوية لمهنة الطب ومن يمتهنونها بشرف وضمير حي, وكما هو معروف فإن السيئة تعُم والحسنة تخُص.
ومن المؤسف فإن ما يُساعد هذه الذئاب بالإستمرار بجرائمها المادية والمعنوية والمُتشحة ببالطوهات الرحمة هو قِلة القوانين النافذة التي تحد من تماديهم وتوقفهم من الإستمرار بهوسهم الشيطاني ليُعاقب المُسيئ منهم ويكون عبرة لغيره, وكذلك صمت الكثيرات ممن يتعرضن للإبتزاز بتصويرهن أثناء ممارساتهم لأعمالهم الفاحشة رغماً عنهن أو تحت تأثير المُخدر لإرغامهن بالإستمرار في إشباع نزواتهم أو مواجهة الفضيحة بنشر مقاطعهم الخسيسة.
هُناك حالات كثيرة عانت من هذه التصرفات اللا اخلاقية أثبتتها دراسات وابحاث أُجريت في كثير من الدول العربية, لكن للأسف فإن كل هذه الدراسات لم تأتي بحل أو مُعالجات وآقعية بسبب تقاعس الحكومات والجهات المُختصة عن القيام بواجبها المنوط بها وايضاً يُساهم في ذلك سكوت المُجتمع عن هذه الإنتهاكات.


وهُناك جريمة لا تقل خطورة عما ذكرناه من جرائم سابقة, إنها جريمة الأخطاء الطبية التي أصبحت ظاهرة مُتسعة الإنتشار بنتائجها القاسية والتي تؤدي في أحيان كثيرة إلى الموت أو الإعاقة أو إنتقال أمراض فيروسية خطيرة, ومنها إستئصال اعضاء المريض السليمة التي لا تُعاني أي خلل وظيفي أو نسيان عِدة الجراحة في جوفة من مقصات ومشارط وشاش وغيرها, ناهيك عن جرائم بيع الأعضاء البشرية وأغوار عصاباتها واسرارها المعقدة, وحينها يأتي الطبيب بعد إزهاق الروح إلى أقراباء المتوفي ويُعزيهم في مُصابم قائلاً: عملنا وآجبنا لكن الأعمار بيد الله, والبقية في حياتكم !! أي واجب تتحدثون عنه؟ وأين واجبات الجهات المُختصة ووزارة حقوق الإنسان لإيقاف إستهتاراتكم بأرواح الناس ومُعاقبتكم؟


كما لا ننسى أن هُناك عدة مُستشفيات تستنزف اهل واقارب المريض والميت سريرياً بغرفة العناية المُركزة, وذلك بطلب علاجات باهضة الثمن لمحاولة إنقاذ قريبهم الميت أساساً, ومن ثم يتم بيع هذه العلاجات والأدوية بنفس صيدليات هذه المستشفيات, وخلال فترة الإستنزاف يتم إحتساب أيام الرقود للمريض الميت ولا يتم أخراج جثته إلا بعد دفع كامل الحساب, مما يضطر لأهل المفقود لبيع كل مافوقهم وما تحتهم ويصل الأمر لرهن بصائر ممتلكاتهم ورهن سياراتهم وذهبهم واسلحتهم, لكي يواروا جثة فقيدهم الثرى, الذي كان في الأساس قد فارق الحياة منذ فترة طويلة ولم تُعلن المُستشفى ذلك حتى يتم زيادة إيراداتها الحرام بترقيده جثه هامدة في سرير جانبي بغرفة العناية المُركزة حتى لا يستطيع دخول اهله ليكتشفوا موته, إلا بعد أن تمتصهم المستشفى بهذه الطريقة التي لا تُرضي احداً.
أين الضمير الإنساني وأين ملائكة الرحمة التي نتغنى بإنجازاتهم الإجتماعية؟ وأين دور الحكومة من كل ذلك؟
من وجهة نظري فإن العتب ليس على ملائكة الرحمة, عفواً اقصد ذئابها, بل كل العتب على حكومتنا مُمثلة بوزارة الصحة والجهات المُختصة الرقابية والعقابية المُتقاعسة عن كل هذه الجرائم التي تنخر في مفصل من أهم مفاصل الحياة الإجتماعية.

وما يؤسفنا حقاً بأننا لم نسمع عن مُعاقبة أو مُحاكمة أي طبيب إقترفت يداه جريمة من الجرائم السابق ذكرها!
ونتسائل هُنا .. لماذا أصبحت ارواحنا وأرواح من نُحبهم ونعمل الكثير من الأسباب لشفائهم, وكل ما نتعرض له هو الموت والإستنزاف والإستغلال ممن كان يُفترض فيهم إحياء وإنعاش الأرواح.

لا يسعني في ختام مقالي هذا إلا أن أشكر كُل طبيب يمتلى ضميره بشرف المهنة وإنسانيتها, وأتمنى منهم فضح ونبذ زملائهم ممن يثبت تورطهم في هذه الجرائم الشنيعة, كي يعود لمهنة الطب ألقها وثقتها لدى كُل أفراد المجتمع, ولنكن في أيادي رحيمة تسعى لإنقاذ ارواحنا.
اللهم حسن خاتمتنا بعيداً عن ذئاب الرحمة, وعجل في زوالهم وفضحهم.