الأحد، 25 مايو 2014

جرعة ومن قرح يقرح


المُتابع لمجريات الأحداث الحاصلة حالياً بواقعنا المُتعثر والغير مُستقر بإنعدام الأمن والمشتقات النفطية لفترة طويلة, يعلم علم اليقين بأن إطالة فترة أزمة المشتقات يُراد بها تنويم الشعب لإخضاعه وإجباره بتقبل الوآقع المفروض عليه لإقرار الجرعة السعرية, كونه يُريد توفير المُشتقات دون عناء البحث عنها وعذاب إنتظارها لساعات وأيام أمام محطات الوقود.
أما الجرعة فلا محالة ولا مفر من إقراراها وتنفيذها شئنا أم أبينا لكنها ستكون مؤلمة وموجعة خاصةً لمن لازآلت أحلامهم بالربيع العربي مُفعمة ومُتطلعة !!
حتماً ستتحول أحلامهم إلى كوابيس لا تخلوا من الروازم التي ستغض مضاجعهم في ظل تردي الأوضاع وقلة حيلة المواطنين عامة (والأغلبية الصامتة خاصة) أمام الكذب والسطو المُمنهج من مسئولي حكومة الوفاق وفشلهم المدوي في جميع نواحي الحياة السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية, والمُدارة بحنكتهم – المُزيفه -  للمواطن الذي تم خداعة بقصة ثورة ربيعهم التي أثمرت فيهم فقط, وأجحفت وهضمت وأنهكت كاهل المواطن اليمني المخدوع.


كعادة الحكومة, تتعذر بضرورة رفع الدعم عن المشتقات النفطية من أجل مواجهة العجز لميزانيتها المالية, التي يتم صرف جُلها لرفاهية مسئوليها وحواشيهم بشراء المواكب والسيارات المصفحة وتكاليف أسفارهم المُستمرة حول العالم, والمدفوعة من ظهر وعرق وجهد المواطن المغلوب على أمرة, الذي يُجاهد ويُلاقي الأمرين في سبيل الحصول على لقمة عيش تسد رمق جوعه ومن يعول.
الظروف الإقتصادية الصعبة التي يتكبدها المواطن جراء إنخفاض قدرته الشرائية المُتمثلة بقلة دخلة وموارده أياً كان نوع عمله ووظيفته, فالمرتبات الحكومية لا تفي بتسديد إيجار شقة موظف ! فما بالكم بتلبية بقية متطلبات حياته الروتينية اليومية !!
ستكون عواقب الجرعة وخيمة على روتين الحياة اليومي في مجتمعنا المُنهك أساساً, وستُصيبه بشروخ لن يتعافى منها بسهولة, وأول هذه العواقب هو زيادة رقعة الفقر وإنتشار طبقتها وتغلغلها بشكل سيجعل من الجريمة المُتعمدة والمُفتعلة ترقى لأعلى مستوياتها, فالفقر لا يرحم أمام مغريات الحياة وقلة الحيلة عند الكثيرين والفقر أيضاً أسهل طرق الإنخراط للجماعات الإرهابية والعصابات التي بدأت تكتلاتها لغرض القتل والنهب والإبتزاز في ظل حكومة عاجزة عن حماية مُنتسبيها عسكريين ومدنيين عوضاً عن مواطنيها ومن يعيشون تحت قوانينها وأيضاً عاجزة عن رفع مرتبات موظفيها لمجاراة أدنى مُتطلبات حياتهم اليومية, وبعجزها هذا فإنها تُشجع إنتشار الفساد وتزيد من تأثيراته الطويلة المدى, لتكتفي حكومتنا بتبذير موارد الدولة الهائلة التي كانت تتغنى بها لرفاهية أعضائها وترسيخ تغلغلهم في مستنقع فسادهم وزيادة غيهم وإسرافهم المفضوح في وسائل الإعلام التي تُطربنا يوماً بعد يوم بإنجازاتهم ومكاسبهم الشخصية والعائلية, وكله على حسابك يا موآطن!
الحكومة ستنجح نجاح باهر ومنقطع النظير في زيادة مواردها جراء الجرعة, وهذه شهادة لا نُخفيها وإنجاز عظيم يُسجل بماء قذر في سجل إنجازاتها, كونها ستفشل بالمقابل في كبح جماح غضب شعبها المُنهار وستزيد من صُنع أعدائها إضافة للمُتربصين بها, والسبب سياستها المُرتكزة على المبداء الخاطئ (جوع كلبك يتبعك) لإفقار أكبر عدد مُمكن وإنهاك المواطن الذي تم إغوائه وخداعة بذريعة ظلم وفساد "النظام السابق", وإغرائه بالوعود والمستقبل الذ ينتظرهم بالرفاهية وتقسيم موارد الدولة في مسالكها الصحيحة التي تكفل له العيش الرغيد والموآطنه المتساوية والدولة المدنية, التي تبخرت ما إن وطأت أقدامهم الوزارات وإلتصقت مؤخراتهم بكراسي السلطة ومقاعد السيارات الفارهه والمصفحة !!
أغلب الوزراء والمسئولين الذين كانوا يتنطعون ويختطبون بفساد النظام السابق ونهبه لموارد ومقدرات الوطن والإستئثار بها دون المواطنين, أصبحوا اليوم اشد بغياً وفساداً ونهباً من ذلك النظام الذي أوجدهم, ونراهم يتهربون من خطاباتهم الرنانة المليئة بالألفاظ المُسيئة والقبيحة كقبح منهجهم وتطلُعاتهم السلطوية, والتي أثبتت الأيام سوء نيتهم جراء إفتراسهم للمواطن وموارد الوطن التي كانوا يتراقصون على أنغامها مُتجاهلين مطالب شعبهم – الذي أتى بهم ونصبهم – المُتمثلة بتوفير الأمن والاستقرار وتحسين وضعهم المادي والمعيشي والإقتصادي.
نقول لكل هؤلاء, ستلعنكم أوجاع وأهات الفقراء التي تسببتهم بها, وستلعنكم خطاباتكم الرنانة وأرواح الشهداء الطاهرة, سيلعنكم اللاعنون, وستنبذكم تربة هذا الوطن, لإنكم مُنافقون وتقولون مالا تفعلون.